Thursday, 24 September 2015

كيف كان الحكيم وكيف أصبح!


كيف كان الحكيم وكيف أصبح!

(لا للتعميم ... فلندرك السفينة قبل أن تغرق)

كان الناس ينظرون إلى الطبيب نظرة حب وتقدير واحترام، وكانوا يطلقون عليه "الحكيم" ويتطلع الأباء إلى أن يصبح أبناؤهم أطباء، لما لهذه المهنة من أثر طيب ومؤثر في المجتمع.  إلا أن هذه النظرة بدأت في الانحسار، تبدل فهم بعض الأطباء، وتغيرت نظرتهم من إنسانية إلى مادية، فأصبحت المادة تسيرهم وتؤثرعلى فكرهم وعملهم، علماً بأن رواتبهم تعدّ من أعلى الرواتب، هذا بالإضافة إلى مداخيلهم الأخرى من عياداتهم الخاصة.

 تركيزهم المادي أخذ بالتأثير عليهم في عملهم الأساس، فلا يبذلوا مجهود يذكر أثناء دوامهم، حتى يوفره لعيادتهم الخاصة، بل أصبحوا يوحون لمرضاهم بالذهاب لعيادتهم الخاصة حتى يتمكنوا من معاينتهم أو عمل إجراء جراحي لهم بصورة أسرع، وقد يخبروا المريض بأن عيادتهم الخاصة بها أجهزة حديثة لا تتوفر في المستشفى الحكومي.  

ومع انتشار المستشفيات وتعدد تخصصاتها وتأسيس برامج طبية مختلفة، أصبحت الحاجة ماسة لتعين مدراء لها، فأصبح هذا الأمر شغلهم الشاغل، فيمكن أن يصبح الطبيب مديرا لقسمه وللعديد من البرامج المختلفة، مع عضويته للعديد من اللجان، هذا بالإضافة لعيادته الخاصة، وقد يعود لمنزله بعد منتصف الليل، منهكا ومتعبا، وبالكاد يستطيع أن يستيقظ للعمل في اليوم التالي ...     وفي الصباح تبدأ عيادته ... فيتكدس المرضى ويتضجروا... وتتصل الممرضة به لتستعجله ... يأتي متأخرا ... ثم يبدأ بفحص المرضى بشكل سريع ... ولا يعطي للمريض فر صة للتحدث، ويعتمد كليا على طلب التحاليل والأشعات، ولا يستخدم حسه أبداً، ومع هذا فقد يخرج أثناء الدوام لمعاينة مرضى في المستشفيات الخاصة أو إجراء جراحي، ثم يعود لمستشفها.

  فهل حكيم الأمس هو حكيم اليوم؟!  

 

بقلم
أسعد بن علي الريس
مدير مركز الصحة الالكترونية
مستشفى الملك فيصل التخصصي

 

 

  

 

   

No comments: